فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لاَ تَدَعُ مُضَرُ عَبْدًا لِلَّهِ إِلاَّ فَتَنُوهُ أَوْ قَتَلُوهُ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ اسْتِغْفَارِهِ فِي صَلاَتِهِ عَلَى الْمَيِّتِ الصَّغِيرِ

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ سَمِعْته يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا قَالَ يَحْيَى وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بِهَؤُلاَءِ وَزَادَ فِيهِ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِسْلاَمِ‏.‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ نَاصِحٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيِّ وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالاَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو إبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيُّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي إبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ عليه السلام يَقُولُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا قَبْلَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ ذَكَرَ الأَحَادِيثَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا بَكَّارَ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالُوا حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْت عَائِشَةَ رضي الله عنها كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَيِّتِ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا فِي الأَحَادِيثِ الآُوَلِ سَوَاءً‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِي الأَحَادِيثِ الآُوَلِ سَوَاءً‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ ثَابِتٍ الثُّمَالِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِي الأَحَادِيثِ الآُوَلِ سَوَاءً‏.‏

فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ مِنْ اسْتِغْفَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلصِّغَارِ الَّذِينَ لاَ ذُنُوبَ لَهُمْ كَاسْتِغْفَارِهِ لِلْكِبَارِ ذَوِي الذُّنُوبِ إذْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ قَدْ سَأَلَ عَنْ كَشْفِ ذَلِكَ فَوَجَدْنَا لَهُ مَعْنًى صَحِيحًا وَهُوَ سُؤَالُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُمْ أَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ الذُّنُوبَ الَّتِي يُصِيبُونَهَا بَعْدَ خُرُوجِهِمْ عَنْ الصِّغَرِ إلَى الْكِبَرِ‏,‏ فَتَكُونُ مَغْفُورَةً لَهُمْ مَغْفِرَةً قَدْ قَدَّمْتُهَا وَتَكُونُ غَيْرَ مَكْتُوبَةٍ عَلَيْهِمْ وَيَكُونُونَ غَيْرَ مَأْخُوذِينَ بِهَا وَمِثْلُ قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَغْفِرَ لَك اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ فَكَانَ ذَلِكَ غُفْرَانًا مِنْهُ لَهُ مَا لَمْ يَعْمَلْهُ حَتَّى يَكُونَ فِي عَمَلِهِ إيَّاهُ مَغْفُورًا لَهُ مَعْفُوًّا عَنْهُ مَا عَمِلَهُ غَيْرَ مَكْتُوبٍ عَلَيْهِ‏.‏

وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ فِي قِصَّةِ حَاطِبٍ مَا يُدْرِيك لَعَلَّ اللَّهَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ‏.‏

وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ فِي مَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَمِثْلُ ذَلِكَ سُؤَالُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْغُفْرَانَ لِلصِّغَارِ هُوَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَعَلَى الْغُفْرَانِ لَهُمْ مَا يُصِيبُونَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِمْ مِنْ الذُّنُوبِ الَّتِي لَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الدُّعَاءُ مِنْهُ لَهُمْ كَانُوا مَأْخُوذِينَ بِهَا مُعَاقَبِينَ عَلَيْهَا فَعَادُوا بِدُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الدُّعَاءِ غَيْرَ مَأْخُوذِينَ بِهَا وَغَيْرَ مُعَاقَبِينَ عَلَيْهَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ اسْتِغْفَارِهِ فِي صَلاَتِهِ عَلَى الْمَيِّتِ الصَّغِيرِ

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ سَمِعْته يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا قَالَ يَحْيَى وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بِهَؤُلاَءِ وَزَادَ فِيهِ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِسْلاَمِ‏.‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ نَاصِحٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيِّ وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالاَ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي أَبُو إبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيُّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي إبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ عليه السلام يَقُولُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا قَبْلَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ ذَكَرَ الأَحَادِيثَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا بَكَّارَ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالُوا حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْت عَائِشَةَ رضي الله عنها كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَيِّتِ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا فِي الأَحَادِيثِ الآُوَلِ سَوَاءً‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِي الأَحَادِيثِ الآُوَلِ سَوَاءً‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ ثَابِتٍ الثُّمَالِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِي الأَحَادِيثِ الآُوَلِ سَوَاءً‏.‏

فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ مِنْ اسْتِغْفَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلصِّغَارِ الَّذِينَ لاَ ذُنُوبَ لَهُمْ كَاسْتِغْفَارِهِ لِلْكِبَارِ ذَوِي الذُّنُوبِ إذْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ قَدْ سَأَلَ عَنْ كَشْفِ ذَلِكَ فَوَجَدْنَا لَهُ مَعْنًى صَحِيحًا وَهُوَ سُؤَالُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُمْ أَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ الذُّنُوبَ الَّتِي يُصِيبُونَهَا بَعْدَ خُرُوجِهِمْ عَنْ الصِّغَرِ إلَى الْكِبَرِ‏,‏ فَتَكُونُ مَغْفُورَةً لَهُمْ مَغْفِرَةً قَدْ قَدَّمْتُهَا وَتَكُونُ غَيْرَ مَكْتُوبَةٍ عَلَيْهِمْ وَيَكُونُونَ غَيْرَ مَأْخُوذِينَ بِهَا وَمِثْلُ قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَغْفِرَ لَك اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ فَكَانَ ذَلِكَ غُفْرَانًا مِنْهُ لَهُ مَا لَمْ يَعْمَلْهُ حَتَّى يَكُونَ فِي عَمَلِهِ إيَّاهُ مَغْفُورًا لَهُ مَعْفُوًّا عَنْهُ مَا عَمِلَهُ غَيْرَ مَكْتُوبٍ عَلَيْهِ‏.‏

وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ فِي قِصَّةِ حَاطِبٍ مَا يُدْرِيك لَعَلَّ اللَّهَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ‏.‏

وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ فِي مَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَمِثْلُ ذَلِكَ سُؤَالُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْغُفْرَانَ لِلصِّغَارِ هُوَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَعَلَى الْغُفْرَانِ لَهُمْ مَا يُصِيبُونَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِمْ مِنْ الذُّنُوبِ الَّتِي لَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الدُّعَاءُ مِنْهُ لَهُمْ كَانُوا مَأْخُوذِينَ بِهَا مُعَاقَبِينَ عَلَيْهَا فَعَادُوا بِدُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الدُّعَاءِ غَيْرَ مَأْخُوذِينَ بِهَا وَغَيْرَ مُعَاقَبِينَ عَلَيْهَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ مَخْلُوطًا بِالدُّعَاءِ لَهُ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالاَ ثنا أَبُو عُمَرُ الْحَوْضِيُّ ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ثنا لَيْثٌ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الصَّلاَةِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَحْيَائِنَا وَأَمْوَاتِنَا وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُك فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ فَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ‏.‏

فَقُلْت أَنَا وَكُنْت أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ خَيْرًا قَالَ فَلاَ يَقُولُ إِلاَّ مَا يَعْلَمُ‏.‏

فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا مِمَّا يُحْتَاجُ إلَى كَشْفِهِ لِيُوقَفَ عَلَى مَعْنَاهُ فَكَشَفْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى ذَلِكَ لِسُؤَالِ الْحَارِثِ رضي الله عنه رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّا سَأَلَهُ فِيهِ وَلِجَوَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُ عَنْهُ بِمَا أَجَابَهُ عَنْهُ فِيهِ‏.‏

وَالْحَارِثُ هَذَا عِنْدَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، هُوَ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ وَابْنُهُ الْمَذْكُورُ فِيهِ هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ الأَحَادِيثَ الآُوَلَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ سُؤَالِ الْحَارِثِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمِنْ جَوَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقُلْ فِيهِ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَالَ ذَلِكَ وَهُوَ يَعْلَمُ مِنْهُ غَيْرَ الْخَيْرِ وَقَدْ كَانَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ فِي صَلاَتِهِ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ مِنْهُ غَيْرَ الْخَيْرِ يَقُولُ فِيهَا مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ ثنا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ إذَا صَلَّيْت عَلَى مَنْ يُتَّهَمُ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ فَتَكْتَفِي أَنْ تَقُولَ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ إلَى آخِرِ الآيَةِ وَإِذَا صَلَّيْتَ عَلَى مَنْ تُحِبُّ فَاجْتَهِدْ فِي الدُّعَاءِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَهْلُ الأَهْوَاءِ هَؤُلاَءِ هُمْ الَّذِينَ لاَ يَخْرُجُونَ بِهَا مِنْ الإِسْلاَمِ وَلاَ يَمْنَعُهُمْ وَإِنْ كَانُوا مَذْمُومِينَ بِهَا مِنْ الصَّلاَةِ عَلَيْهِمْ كَمَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ الْمَذْمُومِينَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ كَمَا قَدْ صُلِّيَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبِأَمْرِهِ عَلَى مَنْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا هَذَا فَأَمَّا مَنْ كَانَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الأَهْوَاءِ مِمَّا يُخْرِجُ مِنْ الإِسْلاَمِ فَلاَ يُصَلَّى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الأَدْيَانِ الَّتِي يُصَلَّى عَلَى أَهْلِهَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَرْكِهِ أَخْذَ مِيرَاثِ مَوْلاَهُ الَّذِي سَقَطَ مِنْ نَخْلَةٍ فَمَاتَ فَأَمَرَهُ بِدَفْعِ مِيرَاثِهِ إلَى أَهْلِ قَرْيَتِهِ

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ ثنا شُعْبَةٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ وَرْدَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ مَوْلًى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ فَقَالَ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَ سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ مَوْلًى لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَعَ مِنْ نَخْلَةٍ فَمَاتَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اُنْظُرُوا هَلْ لَهُ وَارِثٌ قَالُوا لاَ قَالَ أَعْطُوهُ بَعْضَ الْقَرَابَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ وَرْدَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ وَقَعَ مَوْلًى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِذْقِ نَخْلَةٍ فَمَاتَ وَتَرَكَ شَيْئًا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ هَلْ تَرَكَ مِنْ وَلَدٍ أَوْ حَمِيمٍ قَالُوا لاَ قَالَ اُنْظُرُوا أَهْلَ قَرْيَتِهِ فَادْفَعُوهُ إلَيْهِمْ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ تَمِيمٍ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ وَرْدَانَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ‏.‏

وَقَدْ رَوَى عَنْ مُجَاهِدٍ هَذَا سِوَى ابْنِ الأَصْبَهَانِيِّ رَبِيعَةُ بْنُ سَيْفٍ الْمَعَافِرِيُّ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ سَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه حِين حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَتَمَثَّلَتْ بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ مَنْ لاَ يَزَالُ دَمْعُهُ مُقَنَّعًا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ مَرَّةً مُدَفَّقًا هَكَذَا أَخْبَرَنَاهُ إبْرَاهِيمُ مُدَفَّقًا وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالشَّعْرِ يَقُولُونَ إنَّهُ مُدَفَّعًا فَقَالَ لاَ تَقُولِي هَذَا يَا بُنَيَّةُ وَلَكِنْ قُولِي وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ثُمَّ قَالَ يَا بُنَيَّةُ فِي كَمْ كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ فِي ثَلاَثَةِ أَثْوَابٍ قَالَ كَفِّنُونِي فِي ثَوْبَيَّ هَذَيْنِ وَاشْتَرُوا إلَيْهِمَا ثَوْبًا فَإِنَّ الْحَيَّ أَحْوَجُ إلَى الْجَدِيدِ مِنْ الْمَيِّتِ إنَّمَا هُمَا لِلْمُهْلَةِ يَعْنِي الصَّدِيدَ هَكَذَا يَقُولُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقُولُونَ لِلْمُهْلَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ مُجَاهِدًا هَذَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَنَّ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ وَمُجَاهِدًا كَانَا يَقْسِمَانِ لِلنَّاسِ بِالْمَدِينَةِ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَلَمْ يُدْرَ مَنْ مُجَاهِدٌ الَّذِي أَرَادَهُ مَالِكٌ الَّذِي وَقَفْنَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَعَلِمْنَا أَنَّهُ مُجَاهِدٌ وَأَرَدْنَا بِمَا ذَكَرْنَا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ خِلاَفُ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ إذْ كَانَ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ إنَّمَا كَانَ يَكُونُ مَرَّةً بِمَكَّةَ وَمَرَّةً بِالْكُوفَةِ وَلاَ ذِكْرَ لَهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ مَا كَانَ مَعْنَى تَرْكِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِيرَاثَ هَذَا الْمُتَوَفَّى وَهُوَ مَوْلاَهُ الَّذِي مِنْ سَبَبِهِ وُجُوبُ مِيرَاثِ مَوْلَى النِّعْمَةِ وَدَفْعُهُ إلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ مِيرَاثِهِ فِي شَيْءٍ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقٍ مِنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَّفَهُ صلى الله عليه وسلم وَرَفَعَ مَنْزِلَتِهِ وَجَعَلَهُ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ أَخْلاَقِ مَنْ سِوَاهُ مِنْ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا وَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ ‏{‏كَلًّا بَلْ لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكَيْنِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمًّا وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا‏}‏ فَوَصَفَهُمْ بِذَلِكَ بِأَخْلاَقٍ لاَ يَحْمَدُهَا وَجَعَلَهُمْ بِذَلِكَ فِي مَنْزِلَةٍ سُفْلَى وَأَخْرَجَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ إلَى أَرْفَعِ الْمَنَازِلِ وَجَعَلَ حُكْمَهُ مِمَّا أَخْرَجَهُ إلَيْهِ أَعْلَى الأَحْكَامِ فَلَمْ يَجْعَلْهُ مِمَّنْ يَرِثُ مِنْ سِوَاهُ مِنْ ذِي نَسَبٍ وَلاَ ذِي وَلاَءٍ وَلاَ مِنْ ذَوَاتِ تَزْوِيجٍ وَخَالَفَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ أُمَّتِهِ فِي ذَلِكَ زِيَادَةً فِي فَضْلِهِ وَفِي تَشْرِيفِهِ إيَّاهُ وَفِي رِفْعَةِ مَنْزِلَتِهِ فِيهِ فَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فِي مِيرَاثِ مَوْلاَهُ الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلاَ حَمِيمٌ يَسْتَحِقُّ مِيرَاثَهُ أَنْ يُدْفَعَ مِيرَاثُهُ إلَى أَهْلِ قَرْيَتِهِ كَمَا يَكُونُ لِلأَئِمَّةِ فِي الأَمْوَالِ الَّتِي لاَ مَالِكَ لَهَا أَنْ تُدْفَعَ إلَى مَنْ يَرَوْنَ دَفْعَهَا إلَيْهِ مِنْ النَّاسِ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَقَدْ كَانَ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ صلوات الله عليهم يَرِثُونَ وَيُورَثُونَ مِنْ ذَلِكَ مَا حَكَى عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ عَنْ نَبِيِّهِ زَكَرِيَّا صلى الله عليه وسلم مِنْ سُؤَالِهِ إيَّاهُ أَنْ يَهَبَ لَهُ مِنْ لَدُنْهُ وَلِيًّا يَرِثُهُ وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ صلى الله عليه وسلم وَأَنْ يَجْعَلَهُ نَبِيًّا وَمِنْ أَهْلِ إجَابَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهُ إلَى ذَلِكَ وَهِبَتِهِ لَهُ يَحْيَى صلى الله عليه وسلم وَإِصْلاَحِهِ لَهُ زَوْجَهُ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ زَكَرِيَّا صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ مِمَّا سَأَلَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَهَبَ لَهُ مَنْ يَرِثُهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِمَالٍ يَرِثُهُ عَنْهُ وَأَيُّ مَالٍ كَانَ لَهُ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا كَانَ زَاهِدًا نَجَّارًا يَعْمَلُ بِيَدِهِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ زَكَرِيَّا عليه السلام نَجَّارًا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَلَمَّا كَانَ نَجَّارًا صلى الله عليه وسلم لَيْسَ مِنْ ذَوِي الأَمْوَالِ عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرِثَهُ عَنْهُ مَنْ يَهَبُ لَهُ غَيْرَ الأَمْوَالِ وَهِيَ النُّبُوَّةُ كَمَثَلِ الَّذِي سَأَلَهُ أَنْ يَرِثَهُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ صلى الله عليه وسلم وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَنْبِيَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ صلوات الله عليهم فَلَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُد الْخُرَيْبِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ دَاوُد بْنِ جَمِيلٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ كُنْت جَالِسًا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ جِئْتُك مِنْ الْمَدِينَةِ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّك تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَلاَ جِئْتَ لِحَاجَةٍ قَالَ لاَ قَالَ وَلاَ جِئْتَ لِتِجَارَةٍ قَالَ لاَ قَالَ وَلاَ جِئْتَ إِلاَّ لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعَالِمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَكُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ إنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ صلوات الله عليهم لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا وَوَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَزَكَرِيَّا صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ فَلَمْ يُوَرِّثْ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُد‏}‏ فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ مَا كَانَتْ الأَنْبِيَاءُ تُوَرِّثُهُ مِمَّا هُوَ سِوَى الأَمْوَالِ فَإِنْ قَالَ فَقَدْ كَانَ سُلَيْمَانُ فِي حَيَاةِ دَاوُد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا نَبِيًّا فَمَا الَّذِي وَرِثَهُ عَنْهُ قِيلَ لَهُ وَرِثَ عَنْهُ حِكْمَتَهُ وَمَا يُورَثُ عَنْ مِثْلِهِ وَكَانَ ذَلِكَ مُضَافًا إلَى نُبُوَّتِهِ الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ‏.‏

فَإِنْ قَالَ فَقَدْ وَرِثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَوَيْهِ فَوَرِثَ، عَنْ أَبِيهِ مَنْزِلَهُ وَمَمْلُوكَتَهُ أُمَّ أَيْمَنَ وَشُقْرَانَ اللَّذَيْنِ أَعْتَقَهُمَا مَوْلَيَيْنِ لَهُ قِيلَ لَهُ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ النُّبُوَّةَ فَلَمَّا آتَاهُ إيَّاهَا أَعَادَ أَحْكَامَهُ إلَى الأَحْكَامِ الَّتِي تَوَفَّاهُ عَلَيْهَا مِنْ مَنْعِهِ الْمِيرَاثَ عَنْ غَيْرِهِ وَمِنْ مَنْعِ غَيْرِهِ الْمِيرَاثِ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَرِثُ النَّاسُ مِنْ حَيْثُ يُورَثُونَ فَإِذَا كَانَ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ مَوْرُوثٍ وَكَانَ غَيْرَ وَارِثٍ وَفِيمَا ذَكَرْنَا بَيَانٌ لِمَا وَصَفْنَا‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ أَهْلِي وَنَفَقَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ تَقْسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ أَهْلِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ تَقْسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ أَهْلِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ لاَ تَقْسِمْ وَرَثَتِي دِينَارًا‏.‏

فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ أَهْلِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ قَالَ وَأَهْلُهُ الْمُرَادِينَ هَاهُنَا هُنَّ أَزْوَاجُهُ وَالتَّزْوِيجُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ يَنْقَطِعُ عَنْهُنَّ بِوَفَاتِهِ فَمَا مَعْنَى النَّفَقَةِ عَلَيْهِنَّ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ أَزْوَاجَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ مَحْبُوسَاتٌ عَلَيْهِ مُحَرَّمَاتٌ عَلَى غَيْرِهِ لِيَكُنَّ أَزْوَاجَهُ فِي الْجَنَّةِ وَلَمَّا كُنَّ كَذَلِكَ كَانَ جَمِيعُ الْوَاجِبِ لَهُنَّ كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ بِحَقِّ التَّزْوِيجِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ وَاجِبًا لَهُنَّ عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَوُجُوبِهِ كَانَ لَهُنَّ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ‏.‏

فَإِنْ قَالَ‏:‏ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تَقْسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَفِي ذَلِكَ إثْبَاتٌ أَنَّ لَهُ وَرَثَةً وَهُوَ لاَ يُورَثُ وَمَنْ كَانَ لاَ يُورَثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ‏.‏

قِيلَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى الاِسْتِعَارَةِ بِمَعْنَى لاَ يَقْسِمُ مَنْ كَانَ يَرِثُنِي لَوْ كُنْتُ مُوَرِّثًا دِينَارًا مَا تَرَكْتُ فَهُوَ صَدَقَةٌ لأَنِّي لاَ أُورَثُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ‏}‏ الآيَةَ

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ ثنا أَبُو كُدَيْنَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ‏{‏إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ‏}‏ الآيَةَ‏.‏

قَالَ الْمُشْرِكُونَ فَإِنَّ عِيسَى صلى الله عليه وسلم يُعْبَدُ وَعُزَيْرٌ صلى الله عليه وسلم وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ‏}‏ عِيسَى وَعُزَيْرٌ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا‏.‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَسْأَلُنِي النَّاسُ عَنْهَا وَلاَ أَدْرِي‏,‏ أَعَرَفُوهَا فَلاَ يَسْأَلُونِي عَنْهَا أَمْ جَهِلُوهَا فَلاَ يَسْأَلُونِي عَنْهَا‏؟‏ قِيلَ وَمَا هِيَ‏؟‏ قَالَ آيَةٌ لَمَّا نَزَلَتْ ‏{‏إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ‏}‏ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَقَالُوا شَتَمَ مُحَمَّدٌ آلِهَتَنَا فَقَامَ ابْنُ الزِّبَعْرَى فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ قَالُوا شَتَمَ مُحَمَّدٌ آلِهَتَنَا قَالَ‏:‏ وَمَا قَالَ‏؟‏ قَالُوا قَالَ ‏{‏إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ‏}‏ قَالَ اُدْعُوهُ لِي فَدُعِيَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى يَا مُحَمَّدُ هَذَا شَيْءٌ لِآلِهَتِنَا خَاصَّةً أَمْ لِكُلِّ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللهِ قَالَ بَلْ لِكُلِّ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَقَالَ خَصَمْنَاهُ وَرَبِّ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ يَا مُحَمَّدُ أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عِيسَى عَبْدٌ صَالِحٌ وَعُزَيْرًا عَبْدٌ صَالِحٌ وَالْمَلاَئِكَةَ عِبَادٌ صَالِحُونَ قَالَ بَلَى قَالَ فَهَذِهِ النَّصَارَى يَعْبُدُونَ عِيسَى وَهَذِهِ الْيَهُودُ تَعْبُدُ عُزَيْرًا وَهَذِهِ بَنُو مَلِيحٍ تَعْبُدُ الْمَلاَئِكَةَ قَالَ فَضَجَّ أَهْلُ مَكَّةَ فَنَزَلَتْ ‏{‏إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى‏}‏ عِيسَى وَعُزَيْرٌ وَالْمَلاَئِكَةُ ‏{‏أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ‏}‏ قَالَ وَنَزَلَتْ ‏{‏وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ‏}‏ وَهُوَ الصَّحِيحُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشِّيرَازِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى مَوْلَى ابْنِ عَفْرَاءٍ الأَنْصَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِقُرَيْشٍ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لاَ خَيْرَ مَعَ أَحَدٍ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَتْ أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عِيسَى صلى الله عليه وسلم كَانَ نَبِيًّا وَكَانَ عَبْدًا صَالِحًا فَإِنْ كُنْت صَادِقًا فَإِنَّهُ كَآلِهَتِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ‏}‏ يَعْنِي يَضِجُّونَ ‏{‏وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ‏}‏ قَالَ‏:‏ هُوَ خُرُوجُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ‏.‏

هَكَذَا قَالَ‏:‏ لَعَلَمٌ بِالْفَتْحِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو يَحْيَى هَذَا رَوَى عَنْهُ الْمَكِّيُّونَ وَالْكُوفِيُّونَ جَمِيعًا ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ ثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ثنا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزِّبَعْرَى إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَيْك هَذِهِ الآيَةَ ‏{‏إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ‏}‏ فَقَدْ عُبِدَتْ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْمَلاَئِكَةُ وَعُزَيْرٌ وَعِيسَى صلوات الله عليهم أَوَكُلُّ هَؤُلاَءِ فِي النَّارِ مَعَ آلِهَتِنَا‏؟‏‏,‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ‏}‏ وَنَزَلَتْ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَقَالَ قَائِلٌ فَفِي هَذِهِ الآثَارِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ نُزُولِ الآيَةِ الآُولَى مِنْ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ضَجُّوا مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ مُحْتَجِّينَ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ عِيسَى يُعْبَدُ وَعُزَيْرٌ يُعْبَدُ وَمَنْ ذَكَرُوا مَعَهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُمْ مَعَ شِرْكِهِمْ أَهْلُ فَصَاحَةٍ لَيْسَ مِمَّنْ يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ اللَّحْنُ فِي كَلاَمِهِمْ‏.‏

وَمَا فَإِنَّمَا تُقَالُ لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ وَيُقَالُ مَكَانَهَا لِبَنِي آدَمَ مَنْ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إنِّي إلَهٌ مِنْ دُونِهِ‏}‏ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا يُرِيدُ بِهِ بَنِي آدَمَ وَقَالَ فِي سِوَى بَنِي آدَمَ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ لِغَيْرِ بَنِي آدَمَ وَفِيمَا رَوَيْتُمُوهُ وَأَضَفْتُمُوهُ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

مَا قَدْ ذَكَرْتُمُوهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَفِي إحْدَى الآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلَوْتُمُوهَا فِيهِ ‏{‏إنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ‏}‏ أُرِيدَ بِهِ بَنُو آدَمَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ مَنْ ومَا فِي الأَكْثَرِ مِنْ كَلاَمِ الْعَرَبِ يَخْرُجَانِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَقَدْ تَسْتَعْمِلُ الْعَرَبُ أَيْضًا فِي كَلاَمِهَا فِي بَنِي آدَمَ مَا كَمَا تَسْتَعْمِلُ مَنْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لاَ تَسْتَعْمِلُهُ فِيهِمْ كَثِيرًا كَمَا تَسْتَعْمِلُ فِيهِمْ مَنْ وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى ‏{‏وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ‏}‏ مَكَانَ إِلاَّ مَنْ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وقوله تعالى ‏{‏سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ‏}‏ وَ‏{‏يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ‏}‏ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ‏}‏ يَعْنِي آدَمَ صلى الله عليه وسلم وَمَا وَلَدَ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَفِيمَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذِهِ الآثَارِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ فِي الْقِرَاءَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏إذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ‏}‏ بِالْكَسْرِ وَيَصُدُّونَ بِالضَّمِّ هُوَ كَمَا قَرَأَ مَنْ قَرَأَهَا بِالْكَسْرِ لأَنَّ مَنْ قَرَأَهَا بِالضَّمِّ أَرَادَ الصُّدُودَ وَمَنْ قَرَأَهَا بِالْكَسْرِ أَرَادَ الضَّجِيجَ وَإِنَّمَا كَانَ نُزُولُهَا عِنْدَ ضَجِيجِ الْمُشْرِكِينَ كَمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الآُولَى مِنْ الآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ فِي الْمَعْنَى أَصَحُّ أَيْضًا عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ‏;‏ لأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الصُّدُودِ لَكَانَتْ إذَا قَوْمُك عَنْهُ يَصُدُّونَ كَمِثْلِ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ‏}‏‏.‏

وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ‏}‏ وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَصَدُّوا عَنْ السَّبِيلِ‏}‏ وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏}‏‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنْكَارُهُ فِي قِرَاءَةِ إذَا قَوْمُك مِنْهُ يَصُدُّونَ بِالضَّمِّ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ عَمُّك عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ كَيْفَ يَلْحَنُ فِي هَذَا يَقْرَأُ ‏"‏ إذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصُدُّونَ ‏"‏ وَإِنَّمَا هِيَ يَصِدُّونَ يَضِجُّونَ فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِحَقِيقَةِ الْقِرَاءَةِ لِهَذَا الْحَرْفِ كَيْفَ هِيَ وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا أَكْثَرُ الْكُوفِيِّينَ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ نُزُولَ إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ فِي خِلاَفِ الْمَعْنَى الَّذِي رَوَيْتُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نُزُولَهَا كَانَ فِيهِ‏.‏

وَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ سَمِعْت عَلِيًّا رضي الله عنه يَخْطُبُ وَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ ‏{‏إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى‏}‏ الآيَةَ قَالَ نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ وَأَصْحَابِهِ أَوْ قَالَ عُثْمَانُ مِنْهُمْ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنْ قَدْ يُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ رضي الله عنه أَرَادَ بِمَا رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُ الْحُسْنَى الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ لأَنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي مَنْ سَبَقَتْ لَهُ الْحُسْنَى مِنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمِنْهُمْ عِيسَى وَمِنْهُمْ عُزَيْرٌ وَمِنْهُمْ الْمَلاَئِكَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُمْ الْحُسْنَى مِنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَأَصْحَابُهُ فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنِعْمَتِهِ أَنَّ جَمِيعَ مَا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ لاَ يُضَادُّ شَيْءٌ مِنْهُ شَيْئًا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لاَ تَدَعُ مُضَرُ عَبْدًا لِلَّهِ إِلاَّ فَتَنُوهُ أَوْ قَتَلُوهُ

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ لاَ تَدَعُ مُضَرُ عَبْدًا لِلَّهِ مُؤْمِنًا إِلاَّ فَتَنُوهُ أَوْ قَتَلُوهُ أَوْ يَضْرِبُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمَلاَئِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ حَتَّى لاَ يَمْنَعُوا ذَنَبَ تَلْعَةٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تَقُولُ هَذَا وَأَنْتَ رَجُلٌ مِنْ مُضَرَ فَقَالَ أَلاَ أَقُولُ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلاَنُ ثنا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ ثنا مُجَالِدٌ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَتَضْرِبَنَّ مُضَرُ عِبَادَ اللهِ حَتَّى لاَ يُعْبَدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى لاَ يَمْنَعُوا ذَنَبَ تَلْعَةٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ مُضَرَ بِمَا ذُكِرَتْ بِهِ فِيهِ وَالْمُرَادُ مِنْهَا بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْمَذْمُومُ مِنْهُمْ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ لاَ يَفْعَلُ كَفِعْلِهِمْ ذَلِكَ الَّذِي ذُكِرَ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِالْقَصْدِ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ إلَى الظُّلْمَةِ مِنْ مُضَرَ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ مُضَرَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ثنا أَبِي قَالَ سَمِعْت الأَعْمَشَ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ أَتَيْنَا حُذَيْفَةَ حِينَ قُتِلَ عُثْمَانُ رضي الله عنه فَغَلَبَنَا عَلَى حُجْرَتِهِ وَبَيْتِهِ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ وَيَمَنٍ فَقَالَ لاَ تَبْرَحُ ظَلَمَةُ مُضَرَ بِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ تَفْتِنُهُ وَتَقْتُلُهُ أَوْ يَضْرِبُهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَالْمُؤْمِنُونَ حَتَّى لاَ يَمْنَعُوا ذَنَبَ تَلْعَةٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَتَقُولُ هَذَا وَأَنْتَ مِنْ مُضَرَ فَالْتَفَتَ إلَيْهِ فَقَالَ أَلاَ أَقُولُ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ وَجْهِ عُمُومِ مُضَرَ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ فِيمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ هَذِهِ الآثَارِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ ذَلِكَ الْكَلاَمَ وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فِي مُضَرَ لَمْ يُرِدْ مِنْهَا إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْهُ السَّبَبُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قِيلَ ذَلِكَ الْقَوْلُ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِنْهَا وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الأَشْيَاءِ الْوَاسِعَةِ تَقْصِدُ ذِكْرَ مَا كَانَ مِنْ بَعْضِ أَهْلِهَا إلَى جُمْلَةِ أَهْلِهَا وَإِنَّمَا تُرِيدُ مَنْ كَانَ مِنْهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِنْ أَهْلِهَا دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ الشَّيْءُ وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُك وَهُوَ الْحَقُّ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ إِلاَّ مَنْ كَذَّبَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِنْهُمْ‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قُنُوتِهِ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ وَاشْدُدْ اللَّهُمَّ وَطْأَتَك عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ كُلَّ مُضَرَ وَكَيْفَ يَكُونُ يُرِيدُ بِذَلِكَ كُلَّ مُضَرَ وَهُوَ صلى الله عليه وسلم مِنْ مُضَرَ وَمَنْ خَلْفَهُ فِي صَلاَتِهِ تِلْكَ خِيَارُهُمْ مِنْ مُضَرَ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ مِنْ مُضَرَ مَنْ هُوَ عَلَى خِلاَفِ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَعَلَى خِلاَفِ مَنْ هُوَ فِي صَلاَتِهِ تِلْكَ مِنْهُمْ عَلَيْهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لاَ تَدَعُ مُضَرُ عَبْدًا لِلَّهِ مُؤْمِنًا إِلاَّ فَتَنُوهُ هُوَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَالْمُرَادُ بِهِ مِنْهَا مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْفِعْلَ مِنْهَا لاَ مَنْ سِوَاهُ مِنْهَا‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي اسْمِ الصَّلاَةِ التَّالِيَةِ لِصَلاَةِ الْمَغْرِبِ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ تَغْلِبَنَّكُمْ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلاَتِكُمْ إنَّمَا هِيَ الْعِشَاءُ وَلَكِنَّهُمْ يُعْتِمُونَ عَنْ إبِلِهِمْ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إخْبَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اسْمَ تِلْكَ الصَّلاَةِ الْعِشَاءُ لاَ الْعَتَمَةُ وَأَنَّ الَّذِينَ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ هُمْ الأَعْرَابُ ثُمَّ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَسْمِيَتَهُ إيَّاهَا الْعَتَمَةَ‏.‏

كَمَا ثنا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ صَاحِبِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ بَقَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلاَةِ الْعَتَمَةِ لَيْلَةً فَتَأَخَّرَ بِهَا حَتَّى ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّهُ قَدْ صَلَّى أَوْ لَيْسَ بِخَارِجٍ ثُمَّ إنَّهُ خَرَجَ‏.‏

فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ‏:‏ لَقَدْ ظَنَنَّا أَنَّكَ صَلَّيْتَ أَوْ لَسْتَ بِخَارِجٍ فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلاَةِ فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الآُمَمِ لَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ فَقَالَ قَائِلٌ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَسْمِيَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهَا الْعَتَمَةَ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَسْمِيَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهَا الْعَتَمَةَ وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهِ أَمْرُهُ إيَّاهُمْ بِالْعِتَامِ بِهَا أَيْ بِالتَّأَخُّرِ بِهَا وَإِنْ كَانَ اسْمُهَا هُوَ الْعِشَاءَ لاَ الْعَتَمَةَ كَمَا تَقُولُ أَمْسَيْت بِصَلاَةِ الْعَصْرِ لاَ لأَنَّ الْمَسَاءَ اسْمٌ لَهَا وَلَكِنْ إخْبَارٌ مِنْك أَنَّك أَمْسَيْت بِهَا وَاسْمُهَا غَيْرُ مُشْتَقٍّ مِنْ الْمَسَاءِ بِهَا‏.‏

وَقَالَ قَائِلٌ أَيْضًا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا حَقَّقَ فِيهِ اسْمَهَا أَنَّهُ الْعَتَمَةُ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لاََتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا أَيْضًا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَدْ ذَكَرَ‏,‏ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخِلاَفِ ذَلِكَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو زُبَيْدٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا صَلاَةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا مِنْ الْفَضْلِ لاََتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا فَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَدْ نَقَلَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي اسْمِ هَذِهِ الصَّلاَةِ أَنَّهُ الْعِشَاءُ مَكَانَ مَا نَقَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْهُ فِي اسْمِهَا أَنَّهُ الْعَتَمَةُ‏.‏

وَتَصْحِيحُ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الأَمْرَ الَّذِي كَانَتْ الْعَرَبُ تَعْرِفُهُ فِي اسْمِ هَذِهِ الصَّلاَةِ أَنَّهَا الْعَتَمَةُ لاَ الْعِشَاءُ وَكَانَ السَّبَبُ فِي تَسْمِيَتِهَا إيَّاهَا ذَلِكَ الاِسْمَ مَا قَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ‏}‏ فَصَارُوا إلَى اسْمِهَا الَّذِي سَمَّاهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِي هَذِهِ الآيَةِ وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ‏.‏

وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي اسْمِهَا الَّذِي ذَكَرَهَا بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَهُوَ الْعَتَمَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ فَمَا مَعْنَى هَذَا الاِسْمِ يَعْنِي الْعِشَاءَ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ أُخِذَ مِنْ الظُّلْمَةِ الَّتِي تُعْشِي الأَبْصَارَ وَرُدَّ اسْمُ هَذِهِ الصَّلاَةِ إلَى مِثْلِ أَسْمَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ سِوَاهَا لأَنَّ الصُّبْحَ سُمِّيَتْ بِالصُّبْحِ لأَنَّهَا تُصَلَّى عِنْدَ الإِصْبَاحِ وَسُمِّيَتْ صَلاَةُ الْفَجْرِ صَلاَةَ الْفَجْرِ لأَنَّهَا تُصَلَّى بِقُرْبِ الْفَجْرِ وَسُمِّيَتْ صَلاَةُ الظُّهْرِ صَلاَةَ الظُّهْرِ لأَنَّهَا تُصَلَّى عِنْدَ الظَّهِيرَةِ وَسُمِّيَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ صَلاَةَ الْعَصْرِ لأَنَّهَا تُصَلَّى بَعْدَ الإِعْصَارِ وَهُوَ التَّأَخُّرُ وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَنْبَأَ خَالِدٌ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ إنَّمَا سُمِّيَتْ الْعَصْرَ لِتُعْصَرَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ عَصَرَنِي فُلاَنٌ حَقِّي إذَا أَخَّرَهُ عَنْ وَقْتِ أَدَائِهِ إلَيْهِ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِفَضَالَةَ اللَّيْثِيِّ‏.‏

كَمَا ثنا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَعْنِي الْوَاسِطِيَّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا مِمَّا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ قَالَ حَافِظْ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ هَذِهِ سَاعَاتٌ لِي فِيهِنَّ شُغْلٌ فَمُرْنِي بِأَمْرٍ جَامِعٍ إذَا أَنَا فَعَلْته أَجْزَأَ عَنِّي قَالَ فَحَافِظْ عَلَى الْعَصْرَيْنِ قُلْت وَمَا الْعَصْرَانِ وَمَا كَانَتْ مِنْ لُغَتِنَا قَالَ صَلاَةٌ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَصَلاَةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ فَضَالَةَ اللَّيْثِيِّ هَكَذَا قَالَ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَوْلَهُ وَمَا كَانَتْ مِنْ لُغَتِنَا

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ الضُّبَعِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ صَلَّى الْعَصْرَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَسُمِّيَتْ صَلاَةُ الْمَغْرِبِ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ لأَنَّهَا تُصَلَّى بِعَقِبِ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا الصَّلاَةُ الَّتِي تَتْلُوهَا سُمِّيَتْ صَلاَةَ الْعِشَاءِ لأَنَّهَا تُصَلَّى بَعْدَ أَنْ تَعْشَى الأَبْصَارُ بِالظَّلاَمِ الطَّارِئِ عَلَيْهَا فَائْتُلِفَتْ أَسْمَاءُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَنَّهَا لأَوْقَاتِهَا الَّتِي تُصَلَّى فِيهَا وَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ أَلَّا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْمَائِهَا‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَِتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏,‏ وَزَادَ وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْت يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ يُحَدِّثُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ أَمَنَّ عَلَيَّ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ النَّاسِ خَلِيلاً لاَِتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ سُدُّوا كُلَّ خَوْخَةٍ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ قَالَ يُونُسُ أَحْسَبُهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إعْلاَمُهُ النَّاسَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذَ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَفِي ذَلِكَ مَا يَدْفَعُ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ سِوَاهُ لَهُ خَلِيلاً وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَرْوِي عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِهِ رضوان الله عليهم قَوْلَهُمْ سَمِعْت خَلِيلِي وَقَالَ خَلِيلِي‏,‏ فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ إنْكَارُهُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ كَانَ يَقُولُ مِنْهُمْ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِجُحَيْشٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ قَالَ قُلْت لِلشَّعْبِيِّ إنَّ حَفْصَةَ كَانَتْ تُحَدِّثُنَا عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ فَتَقُولُ حَدَّثَنِي خَلِيلِي يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الشَّعْبِيُّ هَذَا مِنْ عُقُولِ النِّسَاءِ أَوَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ مَوْتِهِ مَنْ كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خُلَّةٌ فَقَدْ رَدَدْتُهَا عَلَيْهِ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ هَذِهِ الآُمَّةِ لاَِتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ثُمَّ كَشَفْنَا عَنْ الْخَلِيلِ فِي هَذَا مَا هُوَ إذْ كَانَ الْخَلِيلُ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْخُلَّةِ الَّتِي هِيَ الصَّدَاقَةُ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ اخْتِلاَلِ الأَحْوَالِ‏,‏ فَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبْرَأُ إلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَِتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ‏.‏

وَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ قَالَ‏:‏ قَالَ عَبْدُ اللهِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبْرَأُ إلَى كُلِّ خَلِيلٍ مِنْ خُلَّتِهِ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَِتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَلِيلَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الآثَارِ هُوَ الصَّدِيقُ لاَ الْفَقِيرُ وَأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي سُمِّيَ بِهِ خَلِيلاً فِيهَا هُوَ الصَّدَاقَةُ وَالْمَوَدَّةُ لاَ مَا سِوَاهُمَا وَقَدْ وَجَدْنَا هَذَا مَكْشُوفًا‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَِتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ وَلَكِنْ وُدُّ إيمَانٍ مَرَّتَيْنِ وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ‏.‏

وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرَ عَنْ بَعْضِ بَنِي أَبِي الْمُعَلَّى وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ، عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْكُمْ خَلِيلاً لاَتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَلَكِنْ وُدٌّ وَإِخَاءُ إيمَانٍ وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ مَا فِي هَذِهِ الآثَارِ دَلِيلاً عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الآثَارُ بِمَعْنًى زَائِدٍ عَلَى الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِيهَا فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَاتَّخَذَ اللَّهُ إبْرَاهِيمَ خَلِيلاً‏}‏ أَلاَ وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْرَمُ الْخَلاَئِقِ عَلَى اللهِ وَتَلاَ عَبْدُ اللهِ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَاحْتَجْنَا إلَى الْوُقُوفِ عَلَى مَعْنَى مَا أُضِيفَ مِنْ ذَلِكَ إلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏

فَوَجَدْنَا قَائِلاً قَدْ قَالَ الْمُرَادُ بِخَلِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذَا فَقِيرُ اللهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ فَقْرَهُ وَفَاقَتَهُ إِلاَّ إلَيْهِ لاَ إلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ‏.‏

وَوَجَدْنَا غَيْرَهُ قَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ إنَّهُ الْمُحِبُّ الَّذِي لاَ خَلَلَ فِي مَحَبَّتِهِ‏.‏

وَوَجَدْنَا غَيْرَهُ قَدْ قَالَ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِالْمَحَبَّةِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ وَكُلُّ هَذِهِ التَّأْوِيلاَتِ مُحْتَمَلاَتٌ لِمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَيْهِ‏.‏

وَقَالَ غَيْرُهُمْ إنَّهَا الْمُوَالاَةُ كَأَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَهُ لَهُ وَلِيًّا وِلاَيَةً لاَ وِلاَيَةَ فَوْقَهَا وَلاَ وِلاَيَةَ مِثْلَهَا فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ إطْلاَقَ اسْمِ الْخَلِيلِ مِنْ الْخُلَّةِ لَهُ‏.‏

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى مَا قَالُوا فِي ذَلِكَ كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلاَةً مِنْ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ وَلِيِّي مِنْهُمْ أَبِي وَخَلِيلُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ إبْرَاهِيمُ ثُمَّ قَرَأَ ‏{‏إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ الآيَةَ‏.‏

وَقَالُوا فَلَمَّا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ خَلِيلاً لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلاَّ مِنْ الْخُلَّةِ الَّتِي هِيَ نِهَايَةُ الْمَحَبَّةِ وَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى فِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ خَلِيلٌ هُوَ هَذَا الْمَعْنَى كَانَ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ بِهِ خَلِيلاً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ فِي ذَلِكَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَمِمَّا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِوَاءِ الْوِلاَيَةِ مِنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ وَمَعْنَى مَنْ يَتَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ ‏{‏إنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ الآيَةَ وَقَالَ ‏{‏إنَّ وَلِيِّي اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ‏}‏ وَقَالَ ‏{‏أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ‏}‏ وَقَالَ ‏{‏أَلاَ إنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ‏}‏ فِي أَشْبَاهٍ لِذَلِكَ قَدْ ذَكَرَهَا عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ وَكَانَتْ الْوِلاَيَةُ فِيهَا مِنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ يَتَوَلَّاهُ مِنْ عِبَادِهِ كَالْوِلاَيَةِ الَّتِي يَتَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ يَتَوَلَّاهُ لاَ غَيْرَ ذَلِكَ‏.‏

وَإِذَا كَانَتْ الْوِلاَيَةُ فِيمَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ كَانَتْ الْخُلَّةُ فِيمَا وَصَفْنَا أَنَّهَا كَذَلِكَ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

وَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يَتَّخِذْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ وَهُوَ مَا بَيَّنَهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَهُوَ خُلَّةُ الإِسْلاَمِ وَلِمَا أَخْبَرَ بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي الْمُعَلَّى مِنْ وُدِّ الإِيمَانِ وَكَانَتْ الْخُلَّةُ إنَّمَا تَتَّخِذُ نَسَبَهَا بِالْمَوَدَّةِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ وَلاَ إسْلاَمَ مَعَهَا وَكَانَ مَا لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِالإِسْلاَمِ أَوْ بِالإِيمَانِ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَرَدَّ صلى الله عليه وسلم مَكَانَ أَبِي بَكْرٍ مِنْهُ إلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَجَعَلَهُ فَوْقَ الْخَلِيلِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لاَ تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى صلى الله عليه وسلم لِلسَّبَبِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ فِيهِ

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ سَمِعْت النُّعْمَانَ بْنَ رَاشِدٍ يُحَدِّثُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ فَلاَ أَدْرِي أَصَعِقَ فِيمَنْ كَانَ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ فِيمَنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي بِذَلِكَ اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ ‏{‏فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ‏}‏ قَالَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَفْضِيلِهِ عَلَى مُوسَى لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الأَشْيَاءِ الَّتِي آتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهَا وَفَضَّلَهُ بِهَا عَلَى سَائِرِ النَّاسِ سِوَاهُ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدَ هَذَا الْبَابِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ غَيْرَ دَاخِلٍ فِيهَا لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَفَاقَ مِنْ صَعْقَتِهِ وَجَدَ مُوسَى صلى الله عليه وسلم عَلَى الْحَالِ الَّتِي وَجَدَهُ عَلَيْهَا فَاحْتُمِلَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اسْتَثْنَاهُ فِيمَنْ اسْتَثْنَى فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا وَيُفَضِّلُهُ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فِيمَنْ صَعِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الاِسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ فِيهَا فَلَمْ يَفْضُلْ بِذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْوُقُوفِ عِنْدَ ذَلِكَ الإِشْكَالِ عَنْ تَفْضِيلِ وَاحِدٍ مِنْهُ وَمِنْ مُوسَى عَلَى الآخَرِ‏,‏ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ مَا هِيَ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏